Sunday, January 2, 2011

الاشتغالة المزدوجة



كم منكم يذكر "الاشتغالة" التي كان يفعلها بعضنا في الصغر عندما نطرق الكتف اليمين لشخص و نقف على يساره؟
و كم منكم يذكر "الاشتغالة المزدوجة" التي كانت تستهدف شخصين؟ نطرق الكتفين المتلاصقين لشخصين و نتركهم ينظرون لبعضهم البعض؟
أليس ما يحدث الآن هو النسخة الأكثر تقدما و خطورة من "الاشتغالة" و "الاشتغالة المزدوجة"؟

بداية من "اشتغالة" تشتيت الناس كلما تجمّعوا عند نقطة مهمة أو حدث مؤثر قد ينهض بهم. فنجد الحفلات قد ازدادت, و مباريات كرة القدم تألقت, و أخبار ارتفاع و انخفاض السلع قد انتشرت. حينها لا يلمح الناس من الفاعل, و لكنهم ينشغلون بما رأوه في الناحية الأخري للحظات, و بعدها ينسون ما كانوا يفعلون. نفس الدورة تحدث منذ بدأت أرى الحياة.

و المصيبة الكبرى في "الاشتغالة المزدوجة" التي تنال من كل ما هو جميل. فتجد من يلعب هذه اللعبة الطفولية بشكل يثير الغثيان. و تجد الأبله الذي يصدقها بشكل يبعث على القيء. فتجد في إحدى المظاهرات السلمية من يندسّ و يقذف عناصر الأمن بالحجارة أو الألفاظ النابية, فتكون النتيجة اشتباكات عنيفة بين الأشخاص المسالمين و عناصر الأمن. و تجد من يظهر بين الجماهير في المباريات ليستفز الجمهور المنافس, و النتيجة معروفة. و نهاية بهذه الجريمة في الإسكندرية حين قام أحد الأشخاص بتفجير عبوة ناسفة أمام كنيسة القديسين, فما كان من الغوغائيين إلا أن استخدموا عقلهم للمرة الأولى منذ ولادتهم و قالوا أنه طالما كان التفجير أما الكنيسة فهو من المسلمين, و قاموا باقتحام المسجد المقابل و نثر كتبه في الشارع (هل كانت مصاحف؟ الله أعلم, الإعلام ذكر "كتب" فقط) في الوقت الذي كان المسلمون يساعدون فيه الضحايا. و اكتمل المسلسل بمسلمين يشتبكون مع هؤلاء المتعصبين الغاضبين ليتحول الشارع إلا ساحة قتال.
بعض هذه الحوادث هي نتيجة أشخاص لا يدركون ما يفعلون, و بعضها من أشخاص يدركون جيدا ما يفعلون. و في كلتا الحالتين فالنتيجة واحدة: أن يزيد الأغبياء و المتعصبون النار التي بدأها هؤلاء الأغبياء/الخبثاء.

و ما يزيد الأمر مرارة هو ردود الفعل اتي تزيد الطين بلة من أصحاب الأقلام و المنابر الإعلامية "الشريفة". فتجد أنهم يبالغون في نفى التهم بالشكل الذي يزيد تأكيدها و يخلق صورة يرسمونها في عقول الناس. فإذا قلت "فتنة": كم شخصا يتذكّر الهلال و الصليب؟ (رغم الشك في أصول الرمزين). و إذا ذكرت "إرهابي": كم شخصا يفكّر في اللحية؟ و هذا هو الأساس, فإن المبالغة في الخطابات و الخوف من أصابع الاتهام (حتى ولو كانت كاذبة) تجعل من الضحية وحشا يستخدم ضعفه, و من المتهم فريسة تقصّ مخالبها خوفا من تهمة الإيذاء. و من بعيد يقف الجاني ممسكا بكيس من الفشار مستمتعا بالمسرحية الهزلية.


شيء في صدري:
ألم يكن الصهاينة وراء تفجيرات العراق عند بداية تأسيس دولة إسرائيل للدفع باليهود إلى الدولة الجديدة؟
ألم يحرق هتلر "الرايخستاج" ليهيّج مشاعر شعبه و يستغل غضبهم في توسيع ألمانيا النازية؟
ألم يحرق نيرون (قيصر روما) مدينته من أجل توسيع قصره و زيادة شعبيته و إلصاق التهمة بالمسيحيين و قتلهم؟
ألم تكن أمريكا السبب في تفجيرات لأماكن سنية و شيعية في العراق لإشعال الفتنة بينهم و إضعاف المقاومة؟

ربما كان لحادث الإسكندية عدة دوافع محتملة, ربما انتقام من مسلمين متعصبين, ربما شرارة من كهنة فاسدين لتجميع أتباعهم تحت الصليب, و ربما كانت لعبة صهيونية في سلسلة النكسات التي نمر بها.

اللهم ارزقنا العقل

ربنا ياخدكوا ياللي كنتوا السبب في الأرواح الضايعة دي و الوقت الضايع دا من عمرنا.

No comments:

Post a Comment

Powered by Blogger.