Tuesday, December 21, 2010

ليس المسلم كالمسيحي

ما الصعوبة في تقبّل ذلك؟ الجدال في هذا الشأن يذكّرني بالجدال العقيم حول "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" , "و لكنها ليست أرضها!", "و لكنها الآن من حقها الدفاع عن نفسها", "و لكن الأساس أن الأرض ليست أرضها!" ....ـ

لم يكن المسلم أبدا كالمسيحي, و لم يكن الرجل كالمرأة, و لم يكن الأبيض كالأسود, و لم يكن الصحيح كالمعاق. تلك هي الحقيقة سواء شئنا أم أبينا. و إذا اعترفنا بهذه الحقيقة فلن يتضرر أحد –على الأقل أصحاب الحقوق-, فمن يتضرر من إلغاء هذه الشعارات الرنانة المطالبة بالمساواة هو من يجد مكسبه من الشحن المتصل بين الأفراد و البحث عن كل السبل التي قد تزيل هذه الفروق. هؤلاء المنتفعين الذين يتظاهرون طوال الوقت بعدم وجود اختلافات و ينظرون بأطراف أنوفهم لمن يخالفهم في الرأي. و يكونون من الثقة و القوة للحد الذي ينقل هذة الاكذوبة للناس كحقيقة جليّة تناطح الشمس في الوضوح.ـ

هل يخالف ذلك حديث سيدنا محمد صلى الله عليه و سلّم أن لا فضل لعربي على أعجمي ولا أبيض على أسود إلا بالتقوى؟ إطلاقا ! فليس معنى الاعتراف بوجود فروقات أن نرسم طبقات من العبودية أو التفريق, و لكن المقصود أن يعترف كل شخص بما لديه و ما ليس لديه, و يعترف بطبيعية وجود امتيازات عند الآخرين لا يمكن امتلاكها. لقد جعلنا الله شعوبا و قبائل لنتعارف. إذا نظرنا للحضارات نجد أن لكل حضارة ما يميزها, و إذا نظرنا لأسرة نجد أن لكل فرد ما يميزه.ـ

فما الداعى لظهور الشمطاوات اللاتي تطالبن بالمساواة مع الرجل في كل شيء؟ رغم انسحابهن و تضاؤلهن عند ذكر المهام الشاقة مثل الحرب, فحينها تلعبن بورقة الأنوثة و الرقة. و ما الداعي لمراسم الإفطار الجماعي في رمضان للمسلمين و المسيحيين؟ لكل منهم دينه و صيامه و إفطاره! و ما الداعي لشعار "أنا لست معاقا"؟ فلو أصابني مرض أو حادث و فقدت أحد قدراتي و أصبح ذلك "عائقا" لي, فأنا معاق, و لكنها أصبحت نوعا من السباب بدون سبب واضح. و الأمثلة كثيرة لمدّعي التفريق.ـ

فبالله عليكم كفاكم شعارات زائفة و لنعترف بالحق. فمشكلتكم الأزلية ليست في الاختلافات و لكن في كيفية التعامل معها.ـ

Wednesday, December 15, 2010

غض بصرك يا مواطن

مثلما أمرنا الله بغضّ البصر, أمرتنا أمّنا –مصر- بغضّه. و لكن بما أن شرع الله مختلف عن "سلو بلدنا", كانت الحياة كالتالي...ـ

منذ أسبوع أو أكثر, كانت هناك عدة مظاهرات في وسط القاهرة أمام دار القضاء العالي (و الله يا بيه ما بمشي في مظاهرات, ولا حتى بقتل انجليز, أنا على قد حالي). و كان الفضول يجتاح بعض المارة بين الحين و الآخر فيقتربون ليروا سبب المظاهرة, فيكون من فرد الأمن أن يقول لهم :"ماحدش يبص", و كانهم سوف ينظرون لشيء قبيح (أبيح). ربما تكون هذه حالة هذا الشخص فقط -الذي يفترض به أن يسمع للأوامر- ولا داعي للتعميم. و لكن العديد من الأحداث المتتالية جعلت هذا النمط ظاهرا أكثر فأكثر, الانتخابات و زيارة عمرو خالد و أحداث التحرش الموسمية ... إلخ

و لكن إذا كان غض البصر مطلوبا, فهل سيكون مستمرا؟ بالطبع لا, فالكبت يولد الانفجار. فهناك أماكن مسموح فيها بالـ"بحلقة", مثل التليفزيون المصري. في نفس وقت الأحداث السابقة, كان المواطن المحلي المستخدم للإيريال متابعا لأحداث مختلفة شكلا و مضمونا. من هذه الأحداث كان مهرجان القاهرة السينمائي, حيث المبدعون يتألقون, فقط على السجادة الحمراء .. ذا ريد كاربيت. فترى الممثلين و الممثلات يريدون العودة من جديد للأضواء. ليس من خلال الأعمال الفنية, فهذا الطريق متعب, و لكن من خلال التباهي على السجادة الحمراء أمام الكاميرات. و بالطبع من سيخطف الابصار أكثر من اللحم الأبيض المتوسط ! فها هي الممثلة الفلانية و الراقصة العلانية تأتي بأحدث أزياء شواطئ مارينا في وسط الشتاء و تتباهى بأنها كانت تتحدث منذ قليل مع النجمة العالمية "أنجيلينا" –دي حبيبتي- . و داخل المهرجان يجلسن جميعا ينظرن لذلك الجسد الجديد الذي ظهر في الفيلم الوحيد الذي أعطى مصر التمثيل المشرّف في المهرجان... ثم ينتهى التقرير الفني ... و قبل ان يحاول المواطن أن يغيّر القناة, يجد إعلانا لفيلم سينمائي جديد للمثلة "حديثة النفخ و التفتيح". يجد المواطن بضاعة جيدة أفضل بكثير من العيّنات و مخلفات الحرب التي رآها منذ قليل. و هذا الإعلان أيضا لا يخلو من العري و الضحك "إياه" و الألفاظ "إياها" برضو. و بالطبع كل لقطة موظفة دراميا لخدمة الموضوع.ـ

و بالرغم من قتامة الصورة التي وصفتها فمازالت هناك بارقة أمل, فمن يرى الإعلان على القنوات الفضائية و على التليفزيون المصري يجد اختلافا بسيطا في حذف لقطة. لماذا؟ تفسيري الوحيد هو أن شرطة الآداب –لمن لا يعرف- قامت منذ فترة بإلغاء "القصعة" و "الهوبّا". الوضعية الأولى مشابهة لوضع "الأمبرة" أو "وضع أخذ الإبرة", و الوضعية الثانية مثل الأولى ولكن مع قفزة. و بذلك تكون الفنانة قد قامت بكل شيء إلا مخالفة شرطة الآداب في الوضعية... تماما مثلما فعل المجرم في فيلم "تيتو" كل شيء, إلا خيانة صديقه.ـ

و الآن أترككم لأغض بصري قليلا...ـ

Sunday, December 12, 2010

إحنا اتضربنا في المترو

"إحنا اتضربنا في المترو", قد تقرع هذه الجملة بعض الأجراس عند كبار السن, و ربما عند الشباب الذي قرأ في تاريخ بلده, ذلك لأنها تشبه جملة "إحنا اتضربنا ع الأرض, مالحقناش نحارب" التي ارتبطت بهزيمة 1967 (و اسم الدلع "نكسة 67"). حدثت الهزيمة السابقة دون حرب بسبب انسحاب غير منظّم, فهل تحدث الهزيمة اللاحقة بسبب حياة غير منظمة؟ـ

منذ عدة أسابيع حدث حريق في مترو الأنفاق, و منذ أيام قليلة حدثت مشكلة أخرى في المترو أيضا. في المرة الأولى كان حريق في محطة التوليدات الكهربية بين محطتي المرج و عزبة النخل,و نتج عن ذلك شلل في حركة المواصلات لعدة ساعات, ثم ازدحام شديد لعدة أيام, و كانت أيام من العذاب لكل من يعتمد في انتقالاته على المترو بشكل يومي. و منذ عدة أيام, حدث العطل في محطة "غمرة" الذي لم يوقف حركة المترو و لكنها أصبحت أبطأ من السلحفاة. و ظهر شيء أبشع من هذا الزحام, ألا وهو الاستغلال. فعندما خرجت من محطة المترو في محاولة لإيجاد وسيلة أسرع للذهاب لعملي وجدت سيارات ملاكي و ميكروباصات خاصة تعمل كسيارات أجرة لتخفيف الزحام و تعويض المواصلات العامة المزدحمة بشكل يومي. و هذه ليست المشكلة, فهذا ما يقوله أي عقل وقت الأزمات "القومية". و لكن المشكلة كانت في الاستغلال الذي ظهر من خلال الأسعار. حيث عرض أحد أصحاب الميكروباصات الصغيرة تسعيرة 10 جنيهات للفرد للانتقال من "الحلمية" لـ"رمسيس"و لمن لا يعرف فقد يمكن لشخصين أو ثلاثة أن يأخذوا تاكسي بسعر أقل, و لكنهم لن يفعلوا بسبب الزحام.ـ

ألهذه الدرجة وصل بنا الاستغلال؟ عندما كان يحدث الاستغلال بين طبقات مختلفة فكنت أقول أن هذا هو الظلم الطبيعي منذ نشأة الإنسان, متمثلا في الاحتكار و الغش في الموازين .. إلخ. أما أن يتم الاستغلال لمشكلة طالت الجميع, فهذا هو الغباء بعينه (كلمة "كفر" تلحّ عليّ, و لكنني أمنعها).  فماذا سيحدث عندما تحدث مواقف مماثلة أشد خطورة؟ هل يمكن أن تكون هزيمتنا على يد إسرائيل بسبب "مترو"؟ لم لا؟ لو توقف المترو و ما يشابهه من خطوط حيوية للنقل (و لو يتذكّر أحد حوادث طريق "صلاح سالم" و "الطريق الدائري") فهذا هو الشلل العام لنقل. دائما ما تتباهى وسائل الإعلام بأن نصر أكتوبر الكبير كان به عوامل بسيطة و لكن حيوية مثل موافقة يوم السبت ليوم عيد عند اليهود. فلماذا لا يحدث شيء مماثل يمنعنا من التعبئة العامة في المحافظات و يؤخّر الانتشار لعدة ساعات كافية لحدوث (ربما) إبادة جماعية؟ و هل حينها سيستطيع الفقراء أن يعيشوا دون كهرباء أو ماء أو غذاء أو دواء؟ و كيف ستكون أسعارهم؟ وهل يؤدّي ذلك لحرب داخلية بين عائلات أو طبقات اجتماعية أو طوائف دينية و إن تأخرت لبعد الحرب؟ ليس كل البشر أنبياء, ولابد من وجود طبقة مستغلة, و عند حدوث ذلك يمكننا أن نقول: "إحنا اتضربنا في المترو" ... ثقافة المترو.ـ

Wednesday, December 8, 2010

الشعب المنفوخ بينفّس

هذه خلاصة جملة قالها أحد الأشخاص بجواري في الأتوبيس, ربما لم تكن الكلمة "ينفّس" و لكنها بنفس المعنى. فهموم الحياة جعلت من المواطن "خروفا" مذبوحا, تأخذه لحما و لا تتركه إلا عظما, و لأخذ اللحم لابد من السلخ, و للسلخ لابد من نفخ. و لكن بين الحين و الآخر يكون النفخ زائدا فيحتاج المواطن الغلبان لأن "ينفّس" ليرتاح. فأين ينفّس؟ هل أمام "الجزّار" الذي يتوعّده بالسكين و الخطّاف و أدوات التعذيب الأخرى؟ بالطبع لا... فلا توجد فرصة للتنفيس إلا حين يختفى الجزار. و هذا تماما ما أراه بشكل يوميّ.ـ

فالحكومة -على سبيل المثال لا الحصر- لا تراقب الأسعار, فيلعب السارقون و المحتكرون بالأسعار. و تنتقل عدوى ارتفاع الاسعار بشكل هرمي لتنتشر في أغلب الخدمات و السلع. فهل يستطيع المواطن المنفوخ أن يواجه الحكومة النافخة؟ أو يواجه سائق الميكروباص الدموي؟ بالطبع لا .. فلا يجد سبيلا إلا في التنفيس في العطّار الغلبان الذي تأثر فعلا بالأسعار و حاول التأجيل, أو في المواطن الآخر الذي يحتاج لخدمة لا يجد من يساعده فيها, و بالارتفاع لأعلى و رؤية الصورة الكبيرة, نجد أن الجزارين لا يستطيعون التنفيس في بعضهم -و حين يحدث ذلك يتأذّى الكثيرون- فيمارس كل جزار عملية التنفيس على من هو أقل منه. ولا يستطيع كل مواطن ضعيف أن ينفّس فيمن هو أقوى منه, فينفّس فيمن هو مثله أو أضعف -إن وُجِد-
فيستمر الهرم الاجتماعي التنفيسي في النزول من القمة للقاع, و مع الوقت لا يمكن للطبقة الدنيا أن تكتفي ذاتيا, فيحاول كل شخصين أن يجمّعا قوتهما للتنفيس في شخص أعلى و أقوى, و تبدأ عمليات التنفيس الجماعي... و الخوف كل الخوف من أن يزيد هذا التنفيس الجماعى لدرجة لا يمكن إيقافها أو حتى علاجها

و حتى ذلك الحين ... نفّسوا بالراحة يا حلوين
Powered by Blogger.