Wednesday, March 6, 2013

التوريث أسلوب حياة, من الرئيس للعامل

عندما أنظر لثورة 25 يناير و أسمع كلمة "الشعب يريد", تختلط الأفكار في رأسي و أتذكّر مواقف و أحداث ترفض اجتماع الثورة و الهتاف معا. من هذه الأمور: رفض التوريث.
 وقفة عمالية لرفض توريث الوظائف

عندما أرى من يرفض توريث الرئاسة من مبارك لابنه, ثم يرفض "أخونة" الدولة, و يأتي حتى ابنه و تتوقف تلك الشعارات و يرفع شعار "نفسي نفسي", أعرف أن هذه الشخص بدون مبادئ واضحة. فمبادئه هي أقرب للاجتماعيات منها للأخلاقيات. ما أقصده هو "تعيين أبناء العاملين", ذلك الطقس المقزز الذي يسحب العديد من الوظائف الحكومية لصالح أبناء العاملين فيها و يترك الكفاءات التي بدون "ظَهر" لوحش البطالة. العجيب أن هذا الطقس وصل لدرجة تشبه القانون الذي من أجله ينتفض العاملون و يقطعون الطريق من أجل أخذ أبنائهم عديمي الكفاءات (قصة حقيقية)! فمَن هذا العظيم الذي اخترع هذا الطقس؟ ثم أي فكر عقيم تبنّى تلك الفكرة و دافع عنها دون تفكير في ما قد يحصل لأبنائه لو كانوا لا يملكون "ظهرا" بداخل المؤسسات؟ ثم مَن هذا المدير الجبان الذي يؤثر هدوء تلك الكائنات الظالمة و يوزع الوظائف على أبنائهم بدلا من التصدي لهم و تقديم العدل و تبنّي الكفاءات؟

لن أعترف يوما بثورة تتلخّص في رئيس أو حصّة من الحقائب الوزارية. الثورة لابد أن تكون حملة تنظيف مستمرة لرفض التوريث بكل أشكاله و إقامة العدل. و إلا ربما تخرج ثورة جديدة بهتاف: الشعب يريد إسقاط الشعب.

حقا, الحاكم مرآة شعبه.

Saturday, March 2, 2013

مراسم التكاثر من دولاب الملابس لدولاب المخدرات

جولة أخرى في مملكة الإنسان, فيها أسرد بعض طقوس التزاوج لديه. و تحديدا أذكر احتفالاته. عندما يتزوج ذكر الإنسان من أنثاه, يعدّون عدة حفلات و مراسم تتوزّع عليها بعض الأحداث و الخطوات.

أبدأ بذكر الفاتحة التي غالبا ما تكون مختصرة "لربط الكلام". ثم الخطوبة (تُعرَف أيضا بالشَبْكة) و التي يهدي فيها الذكر لأنثاه بعض المشغولات الذهبية التي تقوم أم الأنثى بعرضها على الحضور و كأن الذكر قد غاص للأعماق ليحضر لآلئ نادرة أو ارتحل ليجلب النوق الحمر, و هو في الحقيقة لم يفعل سوى جمع\اقتراض المال لشراء المشغولات الذهبية. و لأن اسم "خطوبة" ليس كافيا للعديد من الهدايا, فالمشغولات إما تكون الدبلة المعتادة و يضاف عليها "محبسا" (و هو خاتم فوق الدبلة و يكون أغلى منها بكثير), و إما يقال عنها "شَبْكة" و فيها يأتي الذكر بالطقم الكامل من حَلَق للأذن و سوار و طوق للرقبة مع بعض الخواتم, و حديثا يضيف بعضهم "خلخال" القدم! في هذا الحفل من حق الذكر أن يمسك و يحتضن و يرقص, بل أحيانا يقبّل اليد. و لا مانع أن تترك الأنثى قطعة القماش التي تغطّى أجزاء من شعرها لأن هذه المناسبة هي أكبر من أن تلتزم بالعادات البالية من احتشام و خلافه. قد تكون هذه الحفلة محدودة العدد (على الضيّق) في منزل العروس, أو تكون حفلة كبيرة في قاعة مناسبات أو شارع. تلك هي المناسبة الأولى التي تعطي فرصة للذكور الغير متزوجين في ممارسة "رقصة الغيبوبة", و هي رقصة تعتمد على بعض الحركات و التمايلات الغير مفهومة. و تكون لللإناث فرصة الاستعراض لعرض البضاعة بطرف مختلفة ذكرتها من قبل في تدوينة أخرى.

المرحلة التالية هي مرحلة "التنجيد", و هي مرحلة صباحية, و هي مرحلة استقدام "المنجّد" المسئول عن صناعة الوسائد و المراتب و الأغطية السميكة و الشِلَت (وسائد صغيرة). فيها تأتي السيدات و بناتهن للتصفيق و الرقص في الشارع بينما يقوم المنجّد بعمله أمام البيت. و تدفع - كالمعتاد - كل أنثى بالغة بابنتها لأن هذا التنجيد يكون في الشارع, ففرص التزاوج تكون أكبر بحكم أن الشريحة المقصودة من الذكور أصبحت أكبر.


تجب الملاحظة أن في كل مناسبة لابد من أعداد كبيرة من مكبرات الصوت (أو "الدي جييي" كما يسمونه) و منها تخرج أصوات ترجّ الحوائط و الأسقف لأعلى و أبعد المباني من نوعية "المولد" و "العبد و الشيطان" و "عند امه" و "الست لمّا" و "الأوضة الحمرا" و "دي عيلة واطية" ... إلخ, بالإضافة لمقطوعات أمريكية و إسبانية يبدءون بها "التسخين" و لا أحد يفهم منها شيئا, و لو كانوا أظهروا حياءً تجاه ما يسمعونه بالعربية لكانوا رفضوا ما يقال في هذه الأغاني الأجنبية. وإن كنت في مجال 100 متر من بؤرة الكارثة فأنت هالك لا محالة من فرط الاهتزاز. و في هذه المناسبات تسمع من الإناث قدرا من الليبرالية يتناسب مع كل ما سبق ذكره. فقد تسمع: "ياللا قومي ارقصي يا دينا .. ياللا يا هدى .. هي بنتك يا سعاد هاتفضل تتكسف كدا؟ خلليها تقوم مع بنات خالاتها".

مرحلة التنجيد هذه مرحلة مميزة و مليئة بالتفاصيل. فبعد كل ما سبق, و مع انتهاء التنجيد قبل الغروب, تبدأ مرحلة من الهجرة الجماعية بعد استعراض سريع "للجهاز". فكلما انتهى المنجّد من قطعة أخذوها و عرضوها بطريقة مميزة. فالمراتب و الوسائد يضعونها على موائد في وسط الشارع تماما مثلما يجهّز السرير في الغرفة. و عليه بعض "الشلت" التي تأخذ أشكال القلوب و ألوان المعادن, بالإضافة لبعض "الدباديب". أما المفارش و الأغطية فيتم عرضها على حبال تُشَدّ بين الأدوار الأولى للمنازل. و لا أعلم ماذا ينقصهم سوى عرض الملابس الداخلية و صعود العروس لتجربة السرير (ربما أرجع بعد سنة لأجد التهكّم أقد أصبح حقيقة). خلال هذا المعرض تخرج الأجهزة المنزلية و أدوات المطبخ لتنضم لمعرض الشارع لحين يتم جمعهم على سيارات تذهب إلى بيت العروس. و هنا أذكر تفصيلة أخرى (ألم أقل أنها مناسبة غنية!), و هي أن النساء يركبن على نفس سيارة النقل أو سيارات تابعة لها لتذهب جميع المتعلقات في زفّة مهيبة و مزعجة لبيت العروس.

هل يوجد أفضل من مجاملة الشخص لأصدقائه بالبانجو في حفلة أخته؟

وصلنا إلى الليلة السابقة للزفاف, و هي ليلة "الحنّة". أيا كان أصل هذا الطقس فإن الحنة لم تعد هي محور اهتمامه, لأن محور الاهتمام أصبح - ككل السابق - هو إخبار (أو إزعاج) الجيران و قطع الطريق و الحائط المرصوص من مكبرات الصوت و رقصات الغيبوبة و كسر إحراج سعاد و خلافه مما سبق ذكره. من قوة الشبه بينه و بين الخطوبة فإنك قد لا تلحظ الفرق إلا عندما يخبرك أحدهم أنا الحنة أو عندما يشغلون أغنية "الليلة الحنة و بكرا الدخلة".

و ها قد وصلنا لليلة الكبيرة. و هي - أيضا - مثل الليالي السابقة, و لكنها الأهم و الأكثر بذخا. فيها قد يمتد "الصوان" (أو السرادق) لعشرات الأمتار و تزداد مكبرات الصوت و يظهر عنصر "البوفيه" و موائد الفواكه و المشويات و البيرة و العصير و المخدارات, كما تظهر الراقصات. بالطبع كل فرد حسب إمكانياته, و لكن لا غنى عن السرادق و الأنوار و مكبرات الصوت و المأكولات, و الزيادة أفضل بالطبع. تلك الليلة هي الليلة الأكثر امتدادا في أحشاء الليل و قد تمتد للفجر.

إذا رأيت الزحام مشتدا عن ذلك, اعلم أن راقصة بالجوار
  

في كل هذا قد يظهر إنسان هنا أو هناك لا يعجبه الحال. و هذا هو الإنسان الذي لا يستحق الحياة, بل يستحق الموت و الانتقال للرفيق العظيم حيث يأمل في إيجاد الراحة. فلا سبيل لأي نوع من النصح (فهل يقبل المسجد بالنصح ليقبله قاطع الطريق و الديوث؟). و إذا فكر في الاتصال بالنجدة فهو يواجه أحد الأحتمالات التالية: إما أن لا تستجيب له, و إما أن تأتي "لتأخذ المعلوم" من أصحاب الاحتفال ثم تنصرف, و إما تفعل ما يجب فعله. و علي أن أقول أن الاحتمال الأخير هو ما لم أره يحدق إلا عندما تحدث حادثة كبيرة تراق فيها الدماء (نعم, فالشرطة قد تخبرك أنا لن تأتي إلا إذا أريقت دماء).

 الشرطة و الشعب عايزين الحرق

تلك كانت جولة في بعض الاحتفالات التي يقيمها شعب مصر العظيم من الأقاصي للأقاصي.
هل ذكرت أن تلك التدوينة هي نسخة مطورة و معدّلة من نسخة ترجع لعام 2010؟ ها قد قلت. تكبييير.
Powered by Blogger.