Saturday, February 16, 2013

القوات المسلحة الأزهرية الزومباوية

(من مدونتي القديمة, مارس 2010. تدوينة كانت ترى المستقبل المظلم لدولة ما قبل الثورة و تخاف منه, بل البعض لا يزال يدعو لها تحت مسميات عدّة. 
تدوينة فضّلت تركها بصيغتها العامية كما هي.)

حد قبل كدا سمع عن دولة "زومبا" الشقيقة؟ دي دولة قدرت تسيطر على منطقة كبيرة من العالم بسبب بلطجتها. و استطاعت أن تحتل العديد من الدول المحيطة بها عسكريا أو فكريًا أو اقتصاديًا أو... . و عندها موارد كتييير و إمكانيات أكتر, لكن أغلب الإمكانيات دي رايحة للقوات المسلحة الزومباوية اللي بتسيطر على الدول المحتلة دي عشان ماتهربش من تحت إيديها. و لذلك كانت القوات المسلحة الزومباوية قادرة على تخريج كوادر صالحة لإدارة أي وزارة أو هيئة في دولة زومبا. فبعد خروج أحد اللواءات أو العمداء لبلوغه سن المعاش, يمكنه أن يدير أي إدارة فيكي يا زومبا, سواء بقى كانت نقل أو إعلام أو سياحة أو حتى صحة.

أحد اللواءات هو اللواء أركان حرب/ زومباوي مطاوع زوباوي. هذا الرجل خريج أحد المعاهد الحديثة لتابعة للقوات المسلحة الأزهرية. بعد بلوغه سن المعاش كان له شرف إدارة أحد المساجد (بعد هدم مسجد آخر في دولة مجاورة) التي سيطرت عليها القوات المسلحة الأزهرية أثناء مشاهدة الشعب الزوباوي المغيّب لمباراة كرة القدم بين زومبا و أنتيكا و ما تبعها من أعمال شغب. و بعد تولي حكومة زوبا إدارة المسجد, تم وضع لقب "لواء أركان حرب أركان إسلام" على صدر من يتولى إدارته. و يكون الزي الرسمي له هو عمة بيضاء على مقدمتها صورة بطريق (رمز دولة زومبا) و كاكولا خضراء علي كتفيها أربع نجوم و بطريقين ( رتبة اللواء أركان حرب أركان إسلام).

هذا الرجل يدخل يوم الجمعة إلى هذا المسجد و يجلس على الكرسي و ياخد التمام من كل فرد يدخل. و يا ويله اللي مايكونش حالق دقنه الصبح قبل ما ييجي: "يا فندم أنا حلقتها النهاردة الصبح !", "لا يا حبيبي, المرة اللي فاتت قولتلك تحلقها قبل ما تنزل, يعني مش الخميس بلليل, و مش الجمعة الصبح, لأ قبل ما تنزل على طول, روح للصول.. قصدي خادم المسجد و خلليه يحلقهالك تاني و تعالى اديني التمام". و عندما يحين وقت الصلاة, يصعد المنبر و يبدأ الخطبة, و برضو يا ويله اللي ييجي متأخر. "الأفندي اللي لسا داخل دا, ما بدري! مش قايل 100 مرة اللي يوصل بعد ما أطلع أحسنله ما يجيش؟! اتفضّل روّح, ناقصاك هي!!". و يكمل الخطبة و الكل صامت لا يستطيع أن يلتفت.

أثناء الدعاء يقول: "اللهم احفظ لنا ولاة أمورنا" و يرددون وراءه بامتعاض "آمين", "لأ مش سامع, عايز صوت أقوى و في نفس واحد" , "آآآمين", "لأ طبعا, دانا صوتي أقوى منكم, اقفل الميكروفون يا عصمت, عايز أسمعهم من غير ميكروفون, ياللا كلكوا مع بعض, عايز صوتنا يوصل المسجد اللي جنبنا". و يأتي في ميعاد الصلاة يقول: "إقامة الصلاااااااااا, أقم" و يسرع الناس خلفه " هوب" و ينتظمون في صفوف حسب الرتبة الزومباوية لكل مواطن. "على اليمين حزا, كما كنت, على الشمال حزا, كما كنت". و يبدأ الجميع في الصلاة خلف الإمام الجبار و هم يدعون في سرّهم أن يأتي من يخللصهم ممن أفسد حياتهم و احتل أرضهم و شوّه دينهم.

هل يمكن أن يأتي اليوم الذي نصبح فيه جزءأ من دولة زومبا العليا؟ لأ أتمنى ذلك و إن كانت الملامح غير مطمئنة.

Wednesday, February 13, 2013

شوارع الذكور ... ربما النينجا

يزداد مع الوقت سماعي لتعبيرات من نوع: "أهلى ارتكبوا جريمة عندما أحسنوا تربيتي", أو "كان لابد أن أتعلم ما يناسب الحياة, لا مجرد أخلاق تريني مدى سوء حياتي". و لا أنكر أنني أشعر بهذا الكلام و أعيشه, و كلما غُصت في ديني و حاولت تحسين إنسانيتي و أخلاقي وجدت أن الحياة اليومية هي أبعد ما تكون عن الكتب, المقدس منها و غير المقدس.

من فترة تجمعت عدة ملاحظات و تراكمت لتشكّل تجارب صغيرة ترسم صورة أكبر: معالم الطريق اليومي. ما بين اصطحاب أنثى أو رجل مسنّ أو معاناة من إصابة أو مرض, تتشكّل صورة جغرافية للأماكن القابلة للحركة في حياتي اليومية و مدى خطورة كل منها. ففكرت في تجربة مختلفة, أن أمشي و أعيد ملاحظة تلك الصورة من منظور مختلف .. منظور أنثى. فما مواصفات تلك الأنثى؟ مجرد إنسانة ذات حياء, لا يمكنها القفز و الجري أكثر من العادي إما للباسها أو تحرّجها, تخشى الأماكن المظلمة أو الحيوانات. فماذا كانت الملاحظات؟

- المواصلات العامة, كلمة "كارثة" هي أقل ما يوصف. بين التدافع للركوب, و الزحام داخلها, و الجلسات الغير آدمية (أفضّل كلمة "القرفصاء" عندما أصفها), و كثرة "الظرفاء" و قلة "الرجال", و كثرة البروزات الكافية لتمزيق كل ما يبتعد عن الجسد و لو قليلا.

- المقاهي و الأكشاك و تجمعات الشباب على الأرصفة في تزايد مستمر بشكل ألغى ما يسمى بـ"الرصيف", فأصبح الرصيف كنزا يوجد فجأة و يختفي فجأة.

- البنية التحتية لأم الدنيا لا تحتاج لكلام. ما ينزل عن الكعب إما مصيره البلل أو الاتساخ أو القطع. إما "التشمير" أو ينزعج دولاب ملابسي سريعا لما فعلته بأبنائه الغاليين.

- حفظ التوازن من المهارات الأساسية التي لا مفر من اكتسابها. إما لتفادي الوقوع عند انطلاق سائق العربة قبل الجلوس. و إما للمرور من على حافة رصيف امتلأ بالمياه أو السيارات, أو للقفز بين الحين و الآخر بين قطع الحجارة التي تبرز كجزر متفرقة في بحيرات الصرف الصحي -التي هي منّا و إلينا تعود-.

- هل ذكرت التناغم مع الطبيعة؟ لأن حب الحيوانات هو أمر أساسي في مملكة الغابة -تُعرف أيضا بـ"مصر"-. الكلاب لابد أن تكون مصدر بهجة عند رؤيتها و نباحها لابد أن يكون طربا للأذن. و بالطبع فإن المرور بين الجاموس و الثيران و الجمال في عيد الأضحى هو نوع من إكرام الضيف و الترحيب به قبل أن يغادر دنيانا في حمام دماء مهيب.

- طالما أنني لا أعيش في "ميتروبوليس" أو "جوثام", فعليّ أن أبحث عن وسيلة أخرى لبعث الاطمئنان في قلبي قبل المرور في منطقة مظلمة أو خالية, حيث سوبرمان و باتمان ليس لهم نفوذ أو سلطة. لأن في بعض الأحيان -و ربما كثير من الأحيان, حسب المنطقة- لا يوجد سبيل للوصول إلى العمل\المنزل\المدرسة إلا بالمرور من أماكن لا تبشر بالخير.

- ربما لا أقبل ملابس الباليه و حركاته, لكن رشاقته مطلوبة. كيف أمر بين سيارتين أو برميلين أو عامودين بمحيط خصر متوسط أو كبير؟ و كيف يمكنني العبور فوق الرمال و الحجارة -إما لأعمال بناء هنا و هناك, أو أعراض إصلاحات قديمة- بخطوات ثقيلة؟

- ارتفاع مستوى الأخلاق و السلام الداخلي مهم جدا, لأن ما سأسمعه من كلمات هنا و هناك يحتاج لقدر كبير من الهدوء و العفو عن المقدرة.

- بمناسبة العفو عند المقدرة, ربما بعض دروس الكاراتيه و التايكوندو قد تفيدني, ولا تسألوني لماذا.

"لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله تعالى عنها: لِمَ لم تمهد لها الطريق يا عمر", عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

Saturday, February 2, 2013

الراعي الكذاب

عندما كنت طفلا, سمعت (أو ربما قرأت) قصة اسمها: الراعي الكذاب. كانت تحكي عن شاب يرعى الغنم, و كان يهوى الكذب على الناس و الصراخ بأن الذئب يهاجم أغنامه. و عندما يهرع الناس لنجدته لا يجدون ذئبا, و يضحك الراعي على مزحته السيئة. و مرة بعد مرة, تعب الناس من تصرفاته و قرروا عدم الاستماع إليه مجددا. و في يوم هاجم الذئب أغنام الراعي فأخذ يصرخ طالبا النجدة. و لكن الناس لم يعيروه اهتماما لما عرفوه من كذبه. فإذا بالذئب يأكل غنمه ولا يجد من يساعده. حتى تلك اللحظة أجد قصة الراعي الكذاب أمام عيني. و أعاني من إهمال الكثيرين للقيمة التي تحكي عنها القصة: الصدق.

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها، والرجل راع في مال أبيه وهو مسئول عن رعيته، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته", و كم أعجب عندما أجد راعيا يدّعي الورع و التقوى ثم يأتى بأفعال لا تمت للتقوى بصلة. و مرة بعد مرة يكذب أو ينافق أو يتهم الناس بالباطل, حتى يتعب الناس من أفعاله و أقواله و يُكتَب عندهم كذّابا. ثم يأتي الموقف الذي يستحق فيه المساعدة فلا يجد معه أحدا. عندها يأكل الذئب, و تأتي بقية الذئاب لتأخذ أغنام القرية جميعا. الراعي صرخ للتنبيه و لطلب المساعدة, و لكن ما من أحد ليسمع أو يجيب.

عندها هل ألوم القرية التي لم تتأكد من صدق النداء الأخير؟ أم ألوم الراعي الذي اعتاد الكذب؟ أم ألوم من ائتمنه على الغنم؟ أم ألوم الغنم التي لم تتصرف و انتظرت مصيرها؟

ما أعرفه جيدا هو أن قصة الراعي الكذاب لا تكذب ...
Powered by Blogger.