كثيرة هي الأفراح التي أحضرها هذه الأيام. ما بين خطوبة و كتب كتاب و زفاف. و عندما كنت أراقب تصرّفات الناس بدأت بعض التصرفات تبدو متكررة و تشبه في بعض الأحيان ما أشاهده في برامج عالم الحيوان و مملكة الغابة.
توقيت التزاوج عندنا لا يشبه التوقيت عند الحيوانات. فنحن لا نربط التزاوج بموسم الربيع مثلا أو بدء ارتفاع الحرارة. و لكننا نربطه بتوقيتات أخرى تختلف حسب مجموعة البشر. فمن البشر من يكون موسم تزاوجه مقترنا بانتهاء فترة التعليم (عدد لا بأس به من زملائي و معارفي), و منهم من يقترن بمرحلة البلوغ أيا كان التوقيت (الأقاليم مليئة بالأمثلة, طالب جامعة و زوج).
هذا لا يلفت النظر, ما يلفت النظر هو تصرّفات البشر في هذه المناسبات.
فالإناث مثلا يصيبهن ضرب من الجنون أو الخلل فأجد أزياء و تصرفات لم أشاهدها من قبل, تماما مثل إشارات إناث الطيور و الحيوانات في موسم التزاوج. من كانت تدّعي أنها محجّبة تخلع حجابها أو تظهر مقدمة شعرها أو تنطلق لتلبس الفساتين "السواريه" و الشرابات "الفيليه", كثيرات تنطلق لحلبة الرقص لاستعراض مهاراتهن و لفت الأنظار في أكثر نقاط القاعة توهّجا, أخرى تكتفي بالفستان المميز و تجوب به القاعة كاملة ذهابا و إيابا لعرضه, و أخرى تنتظر فترة الاشتباك و التفوق البدني لأخذ "البوكيه" و التقاط دائرة الضوء عن استحقاق. كل هؤلاء يتصارعن من أجل الظهور, و لكن واحدة فقط –و أحيانا أكثر- تنال شرف الظهور الرسمي. من خلال بعض المراسم لابد من تموضع جيد للفتاة الثانية بعد العروس و التي في كثير من الأحيان تكون المرشحة التالية للزواج في العائلة. فإذا كانت حفلة خطوبة, تكون هي من تدور على المعازيم لتريهم "الشبكة", فيرى الناس الشبكة و يلقون نظرة جيدة على العروس التالية. و إذا كانت حفلة زفاف أو مناسبة ترتدي فيها العروس فستانا طويلا, تكون هي من تتحرك مع العروس لترفع ذيل الفستان و تهتم بالعروس من نثر ورود في طريق العروس لاستدعاء أحد الأفراد من القاعة لإحضار مناديل ورقية و مياه للعروس. و بذلك تكون الفتاة المساعدة هذه هي من حظيت بنصيب الأسد و بالترشيح الرسمي. و في كل هذه الأجواء, تجد من تجلس هادئة, رغم زحام القاعة تظهر واضحة عندما تقوم الكثيرات للرقص أو التصوير. فتنال نصيبا من الانتباه.
الموضوع للذكور لا يكون بنفس الصورة الكبيرة. فكالعادة تكون الإناث هنّ المطلوبات و يكتفي الرجل بالبحث عمّن تناسبه, ولكن لا داعي للسكوت التام, فهناك من تبحث عن شاب "ترسم" عليه لها أو حتى لابنتها, فلا بأس في بعض من جذب الانتباه لزيادة الفرص. فتجد النشيط الخدوم دائم الحركة, و "البرنس" صاحب الفخامة التي يتحرك و يتكلم بحساب, و نجم الفقرات الذي لا يتعب من الرقص.
الجزء الطريف في ذلك كله هو تصرّفات النساء الكبيرات في السن –أمهات و جدّات-. تجدهن يبحثن في كل الأركان, في الداخل و الخارج, المائدة المجاورة و حلبة الرقص. كل امرأة تسحب ابنتها لـ"تسلّم" على "طنط فلانة" و "مدام علّانة". ترحّب بابن فلانة و تسأله عن دراسته/عمله, و تعرّفه بابنتها. مشهد أتمتع كثيرا بمشاهدته, ففي هذا المشهد تسقط أقنعة و حواجز كثيرة و تبقى صفات إنسانية تعرفها من بعيد, لا يهم مستوى الحفلة التي تحضرها, فالإنسان هو الإنسان.
سؤال أخير محيّر ... لماذا الإصرار على فصل أهل العريس و أهل العروسة؟ أليس هذا هو الوقت المثالي لدمج العائلتين و إزالة الفروق بينهما؟
تحفه رائعه بسم الله ما شاء الله, بس مش قادر أفهم أخر سؤال أنت كاتبه في التدوينه.
ReplyDeleteالعريس على يسار الكوشة, العروسة على يمين الكوشة. القاعة بتكون مقسومة نصين, نص ناحية العريس لأهل العريس, و نص ناحية العروسة لأهل العروسة ... طبعا دا عُرف مجتمع مش قانون قاعة ... ليه ماتبقاش القعدة مختلطة و الأهل يتعرفوا ببعض؟
ReplyDelete