Saturday, May 5, 2012

البحث عن دين: 1- المقدمة


منذ عدة شهور تقترب من السنة, كنت في رحلة فكرية و روحية بين مناظرات دينية و كتب و دروس لكي أتأكد من اختياري الصحيح لديني و أنني لا أدافع عنه بحكم ولادتي فيه. و كانت غايتي أن أشارك بخلاصة ما مررت به و أعلن الشهادة بشكل رمزي كدليل عن اختياري للإسلام عن علم لا ولادة. و لكن كما يقال: كلما زاد علمي زاد جهلي, و طالت الرحلة بشكل مطّرد لم أتخيله عندما بدأت. لذلك فكرت في أن أرتّب أفكاري تحت عناوين محددة لتزداد الرؤية وضوحا. و لكي أفيد بما فكرت و أستفيد من المناقشات أو الملاحظات.

بدأت بوادر الرحلة منذ سنوات قليلة, عندما كنت أعطي ملاحظة هنا و ملاحظة هناك عن عادات يومية أو طقوس عبادة مثل: طريقة الجلوس الصحيحة في الصلاة, سبب الصلاة بعد أذان الجمعة و قبل الخطبة, إنسانية ذبح حيوان أو طائر, أصل منديل كتب الكتاب و سبب قول "على مذهب الإمام فلان" .. إلى آخر الملاحظات. و مع الوقت وجدت نفسي أبتعد عن الشاطئ إلى الأعماق, و لا أعرف إن كان بسبب حب العلم أم استجابة لدعوات بيني و بين ربي أم هي إرادة الله التي تسبق أي سبب من ناحيتي لحكمة لا أعلمها.

تمر الأيام و الشهور و أجد أن هذه الطريقة في النقد و الاطلاع ليست كافية, فما أدراني من الأساس أن ديني هو الدين القويم؟ و إن تمنيت أن أكون موجودا في عصر الرسالة -كما يدّعي الكثيرون- فهل كنت سأتحلى بالشجاعة للتعرف على الدين الجديد ثم الدخول فيه إن أقنعني و أترك دين آبائي (اليهودية أو المسيحية أو أي دين آخر)؟ فأنا أجد كثيرين يغضبون لدينهم و يدافعون عنه دون أن يتعرفوا على الأديان الأخرى. و حتى حين يتعرفون عليها فَهُم يأخذون الطريق الخاطئ. فلا يصح أن أعرف عن المسيحية من مسلم, ولا عن الماركسية من يهودي, و لا عن الإسلام من مسيحي. ذلك لأن قليلون هم من يسردون الحقائق أو الأفكار بحيادية دون أي إضافة أو تعليق. و كذلك لا يصح أن آخذ معلومة عن دين من مواقف عامة من أناس لا أعرف مدى التزامهم بدينهم.

و من هنا انطلقت لرحلة أكبر لم تنتهي حتى لحظة كتابتي هذه, بين تعرّف على جوانب الدين الإسلامي و الجماعات التي ظهرت منه (سنية\شيعية\صوفية\معتزلة...), و قراءة الكتب الأخرى (التوراة و الإنجيل) و دراسات فيها, و مقالات تهاجم الإسلام خاصة أو الدين عامة, و مناظرات .... لأجد أن قضية الدين هي قضية مستمرة. فكل دين قرأت عنه وجدت فيه ما لم أجده في أتباعه و كأن الأتباع أصبحوا ينفذون الأوامر و النواهي بشكل طبيعي يتأثر بالمجتمع و التاريخ و الأهواء الشخصية. فليس كل من يحمل لقب الإسلام ينفذ تعاليمه, ولا كل من يحمل لقب المسيحية ينفذ تعاليمها. و هنا زاد الأمر صعوبة. فعلى أي أساس يقيّم كل إنسان دينه أو دين الأخرين؟ و على أي أساس تهاجم وسائل الإعلام هذا الدين أو ذاك؟

لا أعرف إن كانت تلك الرحلة ستصل لشاطئ أم لا, و لكن ما أعرفه أن هذه الرحلة مثل رحلات كثيرة قرأت عنها في الروايات: ترجع منها بأحداث و أناس لم تكن لتعرفهم لو لم تركب السفينة بحثا عن الكنز المجهول. و ذلك ما أحاول أن أستزيد منه و أتحدث عنه بشكل منظم لنفسي و لغيري. لست بالعالِم لكي ألقي محاضرة, و لكنها ملاحظات من إنسان عادي يبحث عن حقيقة ما.

كانت تلك مقدمة منطقية و استهلال لابد منه لأحاول أن أدخل القارئ داخل عقلي ليرى دوافع رحلتي و ربما يفكر في رحلته الخاصة.


2 comments:

  1. جيد بما انك تفكر هكذابالنسبة لك فهي نعمة كبيرة انك ورثت الاسلام انت شخص محظوظ وما عليك الا التعمق لتعرف الكثير عنه فهو الدين الحق لاريب في ذلك اعجبتني هذه العبارة التي تقدم بها مدونتك

    ReplyDelete

Powered by Blogger.