Sunday, May 1, 2011

سيرة الحب



الحب هو ذلك الشيء الذي ... يعرفه الكثيرون ... و لا يعرفونه ... شيء لطيف ... شيء مؤلم ... شيء عظيم ... شيء تافه.
فكّرت في ذلك الشيء و لم أصل إلا لمجموعة تخاريف تحاول وصف الغير موصوف, تماما مثلما يحاول أحد أن يرسم على الهواء. الحب الذي أقصده ليس حب الله أو الوطن, و لكن حب النصف الآخر.


من كتر الحب لقيتني بحب:

جملة سمعتها بالصدفة في أغنية لأم كلثوم, و صدمتني كأني لم أسمعها من قبل, ففي هذه الجملة أحد أسباب الحب. يوجد مثال لأحد الأشخاص الذي نقابلهم بين الحين و الآخر, الشخص الذي "يحب على نفسه", أي يفيض بمشاعر إيجابية يسعى لتفريغها في أي شخص أمامه, و بسبب ميوله فهو يسعى لتفريغها في شخص تحت مسمى الحب, ليس حب الشخص بقدر حب الحب ذاته, و أمثال هذا الشخص من ذوي الاهتمامات الأخرى تجدهم يذهبون بحبهم إلى العمل, أو الجهاد, أو حتى الجريمة.


فرز اللاوعي:

ذلك تفسير آخر حاولت تطبيقه على بعض الأشخاص و وجدته منطقيا. في الجزء الغير واع من تفكير الإنسان, يجري المخ إسقاط للمواصفات التي يحبها في الشريك/الشريكة على كثير ممن يجدهم ليرى مدى التوافق مع هذه المواصفات. فالإنسان عندما يكون مستعدا لذلك, يبدأ دون وعي في فرز من يراهم و يتعامل معهم ليرفض البعض و يقبل البعض حتى تظهر أفضل حالة مطابقة, و إما يكون الوضع في الناحية الأخرى مشابها ليكون "الحب المتبادل" و إما يكون الحب "من طرف واحد". لذلك عندما أرى الصفة الغالبة على شخص و ميول نصفه الآخر أبدأ في ملاحظة هذه النظرية, و أسمع جملة "لايقين على بعض" و "لابقين لبعض" عند وصف حبيبين أو زوجين اختارا بعضهم البعض, فالمواصفات التي يطلبها كل طرف في الآخر قد تواجدت, الميول متقاربة في بعض المواضع.
و تحت هذه النقطة قد أضيف الترسّبات في الذاكرة التي قد يتسبب شخص تقابله في إظهارها على السطح, امرأة تشبه حبك الأول , رجل يشبه المغني المفضل لكِ, و هكذا.


البحث عن الكمال:

تلك النظرية وجدتها في كتاب بعنوان The Power Of Now , و هي تبدو نظرية صحيحة. يقول الكاتب أن الإنسان في بحثه عن الكمال يهرب من نفسه و يذهب للعناصر الخارجية التي تحقق ذلك الكمال. فالإنسان قد يبحث عن الأمان أو الاهتمام أو حياة جديدة من اختياره , و هو/هي شريك أساسي فيها, أو مجرد حاجات بدائية. و يكون "الحب" هو تفسير لإيجاد الشخص المناسب لتلك الاحتياجات. و لكن بعد أن يبدأ الانسان في الانغماس في هذه الأحاسيس التي وجدها أخيرا, يبحث عن أهداف جديدة يجري ورائها, و هذا سبب للتحرك المستمر بين لحظات التفاهم و الشجار بين الطرفين في العلاقة.


احتياج جسدي في صورة راقية:

ذلك ما يحاول البعض رفضه رغم مشروعيته. عندما يجد شخص ما غريزة أساسية يحاول إنكارها أو وضعها في شكل أكثر رقيا. و كأن الانجذاب الجسدي ليس شيئا مسلّما به. ربما لا يريد الكثيرون أن يسلّموا به اجتماعيا, لكن العلماء يصرون على التسليم به, فلا مجال للهروب من الهرمونات و كهرباء الجسد. لا أبالي إن كان هذا الانجذاب قد يبني أسرة قوية أم لا, ما أتكلم عنه هو الانجذاب الغامض الذي قد يأخذ كلمة "حب". تلك النقطة قد تكون جزءا من النقطة السابقة, و لكن هذه المرة هي محاولة للاعتراف بنوع آخر من الانجذاب, الانجذاب الكيميائي.


من كل ما سبق يبدو لي أن كلمة "حب" هي كلمة تم الاتفاق عليها لوصف أي انجذاب غير واضح. و بدلا من البحث عن السبب في ذلك الانجذاب و معالجته أو مباركته, نكتفي بالتسليم له ثم نشكو من اختفائه لسبب "غير معروف".

No comments:

Post a Comment

Powered by Blogger.