Sunday, December 12, 2010

إحنا اتضربنا في المترو

"إحنا اتضربنا في المترو", قد تقرع هذه الجملة بعض الأجراس عند كبار السن, و ربما عند الشباب الذي قرأ في تاريخ بلده, ذلك لأنها تشبه جملة "إحنا اتضربنا ع الأرض, مالحقناش نحارب" التي ارتبطت بهزيمة 1967 (و اسم الدلع "نكسة 67"). حدثت الهزيمة السابقة دون حرب بسبب انسحاب غير منظّم, فهل تحدث الهزيمة اللاحقة بسبب حياة غير منظمة؟ـ

منذ عدة أسابيع حدث حريق في مترو الأنفاق, و منذ أيام قليلة حدثت مشكلة أخرى في المترو أيضا. في المرة الأولى كان حريق في محطة التوليدات الكهربية بين محطتي المرج و عزبة النخل,و نتج عن ذلك شلل في حركة المواصلات لعدة ساعات, ثم ازدحام شديد لعدة أيام, و كانت أيام من العذاب لكل من يعتمد في انتقالاته على المترو بشكل يومي. و منذ عدة أيام, حدث العطل في محطة "غمرة" الذي لم يوقف حركة المترو و لكنها أصبحت أبطأ من السلحفاة. و ظهر شيء أبشع من هذا الزحام, ألا وهو الاستغلال. فعندما خرجت من محطة المترو في محاولة لإيجاد وسيلة أسرع للذهاب لعملي وجدت سيارات ملاكي و ميكروباصات خاصة تعمل كسيارات أجرة لتخفيف الزحام و تعويض المواصلات العامة المزدحمة بشكل يومي. و هذه ليست المشكلة, فهذا ما يقوله أي عقل وقت الأزمات "القومية". و لكن المشكلة كانت في الاستغلال الذي ظهر من خلال الأسعار. حيث عرض أحد أصحاب الميكروباصات الصغيرة تسعيرة 10 جنيهات للفرد للانتقال من "الحلمية" لـ"رمسيس"و لمن لا يعرف فقد يمكن لشخصين أو ثلاثة أن يأخذوا تاكسي بسعر أقل, و لكنهم لن يفعلوا بسبب الزحام.ـ

ألهذه الدرجة وصل بنا الاستغلال؟ عندما كان يحدث الاستغلال بين طبقات مختلفة فكنت أقول أن هذا هو الظلم الطبيعي منذ نشأة الإنسان, متمثلا في الاحتكار و الغش في الموازين .. إلخ. أما أن يتم الاستغلال لمشكلة طالت الجميع, فهذا هو الغباء بعينه (كلمة "كفر" تلحّ عليّ, و لكنني أمنعها).  فماذا سيحدث عندما تحدث مواقف مماثلة أشد خطورة؟ هل يمكن أن تكون هزيمتنا على يد إسرائيل بسبب "مترو"؟ لم لا؟ لو توقف المترو و ما يشابهه من خطوط حيوية للنقل (و لو يتذكّر أحد حوادث طريق "صلاح سالم" و "الطريق الدائري") فهذا هو الشلل العام لنقل. دائما ما تتباهى وسائل الإعلام بأن نصر أكتوبر الكبير كان به عوامل بسيطة و لكن حيوية مثل موافقة يوم السبت ليوم عيد عند اليهود. فلماذا لا يحدث شيء مماثل يمنعنا من التعبئة العامة في المحافظات و يؤخّر الانتشار لعدة ساعات كافية لحدوث (ربما) إبادة جماعية؟ و هل حينها سيستطيع الفقراء أن يعيشوا دون كهرباء أو ماء أو غذاء أو دواء؟ و كيف ستكون أسعارهم؟ وهل يؤدّي ذلك لحرب داخلية بين عائلات أو طبقات اجتماعية أو طوائف دينية و إن تأخرت لبعد الحرب؟ ليس كل البشر أنبياء, ولابد من وجود طبقة مستغلة, و عند حدوث ذلك يمكننا أن نقول: "إحنا اتضربنا في المترو" ... ثقافة المترو.ـ

No comments:

Post a Comment

Powered by Blogger.