Wednesday, April 13, 2011

هل أرتدي النقاب؟


بين حين و آخر تظهر جدالات حول النقاب, و كالعادة لا تصل هذه الجدالات لشئ. أقصى ما تصل إيه هو إيضاح و تفسير الآيات و الأحاديث و كيف أنه حتى النص الواحد يمكن أن يحمل أكثر من معنى. و لكن ماحدث منذ عدة أيام بالصدفة أعاد إليّ فكرة قرار النقاب مرة أخرى. كنت بالصدفة أستمع لراديو بي بي سي و كانت الحلقة عن بدء العمل بقانون منع النقاب في فرنسا وهل يجب على بريطانيا أن تقلّده. و استمعت لآراء عديدة من مسلمين غير عرب, من بريطانيا و من الهند, و وجدت أن نفس الجدال موجود في الشرق و الغرب. و انتقل هذا الجدال للأفكار بداخلي. الفكر الذي يقول بأن كل شيء يأتي من الشيوخ جيد و يكفيني أن فلان قال ذلك و "منّه لربنا" و هو لن يخطئ أبدا لأنه عالم, و الفكر الذي يريد أن يسلم لله بناء على علم و اطلاع و لا يريد أن يكون مسلما فقط بالولادة أو أن يأخذ حزمة الدين و العادة معا دون تفريق بينهما.

نعم أنا رجل, ولكن يجب أن أصل لقرار فيه كمن تفكر في ارتدائه, على الأقل عند هذه المرحلة و ربما أغيّره لاحقا أو أثبت عليه. لماذا آخذ قرار بخصوصه مادمت لن ألبسه؟ لأن زوجتى يمكن أن تكون منتقبة أو حتى تختارالنقاب لاحقا, لأن محيطي به بعض المنتقبات ولابد أن أعرف مدى فداحة منعهن من ارتدائه في بعض الأماكن. مبدأ حرية الأفكار و العقيدة يفترض به أن يكون كافيا لترك المنتقبات يفعلن ما هن مقتنعات به, لكن ذلك لا يعني تركي لأسس ديني و معرفه حدوده. و بما أنني لست عالما في تفاصيل النصوص و إسنادها فرجعت للآراء التي يرجع إليها الكثير: المذاهب الأربعة.

و بعد قراءة أجد أن الشافعية و المالكية و الأحناف يقولون أنها فضيلة, و أنه يستحب ارتداء النقاب إذا كان إظهار الوجه سيسبب نوعا من الأذى أو الضرر. و قال الحنابلة أنه فريضة. معنى ذلك أن الاتجاهات متاحان! فلماذا يصرّ شيوخ "الحجاب قبل الحساب" على وضعه في صورة الإلزام و أن من لا تلبس النقاب هي امرأة غير ملتزمة و خارج المنهج؟! ما يثير أعصابي ليس التزام أحد بمنهج أو اتخاذه لأحد المذاهب, و لكن الشيء المقيت هو تهميش رأي الآخرين و اعتبار ان من ليس معهم فهو في الدرك الأسفل من النار.

فبين حين و آخر أجد من يقول: "فلان من الأئمة أفتى بفرضيته, فلم الجدال؟", و ينسى –أو يتناسى- أن "فلان" آخر أفتى بعدم فرضيته. و أثناء بحثي في آراء الشيوخ الذين ظني بهم أنهم من أهل العلم, و جدت أحد الحلقات لشيخ شارك في غزوة الصناديق. و هذا الشيخ قال أن الحنابلة و الشافعية أفتوا بفرضيته و المالكية و الأحناف قالوا مستحب. ربما قراءتي لرأي الشافعية بها خطأ أو أنهم منقسمون, و على أي حال فسأقول أنه أعلم مني في هذا و لن أقف عند هذه النقطة. ثم قال ما يضرب بالعقل عرض الحائط, قال ان هناك قاعدة فقهية تقول: "إذا اجتمع الفقهاء على قولين, فهذا إجماع ولا يجوز إحداث قول ثالث". و كان هذا هو استدلاله على فرضية النقاب! و ماذا عن الرأيان الآخران؟ ألا يمكن تطبيق القاعدة بالمثل على الرأي الآخر؟ ذلك هو ما لا أفهمه و ما يجعلني لا أستمع لهؤلاء البشر بهدف العلم بقدر استماعي لهم بهدف الاطلاع على نوع آخر من الحياة البشرية.

ثم آتي لمن يلجأ لتفسير النصوص أو القياس الذي يخدم رأيه فقط. فأجد من يستخدم آية: "وليضربن بخمرهن على جيوبهن" و يقول أن الحجاب لا يمكن أن يغطّي على الرقبة و الصدر دون أن يمر بالوجه. أو يستدل بتغطية النساء لوجوههن عندما يمر رجل عليهن. أوليس الأولى توضيح الفرق بين الحجاب و الخمار و النقاب مثلما يفعل آخرون؟ أوليس الأولى توضيح الفكر المنتشر في عصر نزول الإسلام الذي جعل تغطية كثير من النساء لوجوههن أمر تلقائي؟ فلو أكملنا القياس لربما وجدنا أن النقاب واجب على المسيحيات لأن كثير منهن في الأقاليم يفعلن ذلك عندما يرين رجل مار بهن! و هل إذا كان نزول الإسلام من نصيب أرض مصر كنا سنتجادل اليوم عن "اليشمك" أو "البرقع" و هل هو فريضة أم فضيلة؟ هل اليوم سيسكت أحد على رجل يدخل المسجد مرتديا إزارا يستر نصفه الأسفل فقط مادام هذا ما كان يحدث قديما ولا يخالف الشرع؟ و هل سيرضاه زوجا لابنته إذا جاء بيته بهذه الهيئة؟

لأ أقصد من قولي أنه عادة لا داعي لها, و لكن أصر على أن يوضح كل عالم صاحب رأي  ما لهذا و ما عليه, و خصوصا عندما ينصح الناس أو يخطب فيهم. و لذلك لا عجب في أن أجد الحديث مع من انتقبت من الطبقة القارئة الواعية مختلفا تماما عن الحديث مع نظيرتها من الطبقة المتلقية. فتلك بحثت و قرأت و استمعت و وجدت ما يناسبها. و الآخرى استمعت لشيخ و خافت و أرادت أن تكون في الأمان, "و أهو مش هاخسر حاجة" - مثلما يدعو بعض الشيوخ و يستغل تردد الناس! - أو وجدت أهلها يفعلون ذلك ففعلت دون تفكير.

ما أعرفه عن الإسلام حتى الأن أنه أسلوب حياة متكامل (البعض يجدها ميزة و الأخر يراها عيبا) يأتي في مجتمع لينظّمه. إذا رأى ما يخالف أسس الدين يبعده و إذا وجد مالا يخالف و له منفعة رحّب به. و انتشر في دول آسيا و أفريقيا و أوروبا عن طريق التخاطب و تعاملات التجار و سماحة أهل الإسلام بشكل أسرع و أكبر من القتال. فلماذا الإصرار على الدعوة للنقاب عن الطريق التخويق و الزجر و إخفاء بعض الحقائق لتقوية أحد الآراء؟ ما موقفكم يا علماء الدين عندما يستمع إليكم أحد الناس ثم يمنّ الله عليه ببعض العلم الكافي لمعرفة انحيازكم؟ عندما أرى هجوم الكثيرين على الإسلام أشعر بالحزن الشديد لأن من الدلائل المستخدمة للهجوم أجد دروس و فتاوى لعلماء يفترض بهم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و معاملة الناس بالحسنى, لا الزجر و التخويف و إلغاء العقل.

هداني الله إن كنت أسأت, و هداكم إن كنتم أسأتم ...

سؤال للبحث لاحقا: هل توجد خلافات أو جدالات في أسس الدين؟

3 comments:

  1. المقصود بقاعدة (إذا اختلف الفقهاء على قولين... إلخ) هو نسف القول القائل بحرمة النقاب أو بدعيته يا عدلي

    وليس إنكار القول بالاستحباب

    والقاعدة دي نستخدمها في الرد على طنطاوي وغيره لما قالوا: النقاب ليس من الدين،، وأجبروا البنات على خلعه

    فهمت؟

    أما الشافعية: فالمذهب فيه قولين، قول بالاستحباب وهو الشائع، وقول آخر بالوجوب

    ومعلوم إن المذهب الشافعي والحنبلي أكتر مذهبين ممكن تلاقي اختلاف داخلي بينهم أصلاً :)

    القصد يا عدلي

    لو واحد عايز يفرض رأيه إن النقاب واجب = ده غلطان،، ولا هو سلفي ولا فاهم

    لأن الألباني إمام السلفيين في العصر ده = قال باستحباب النقاب وعدم وجوبه

    وبالمثل،، لو واحد اتحمق واتضايق من القول بالوجوب = فده غلطان تمامًا


    لكن بقى المخرف اللي يطلع يقول: النقاب بدعة :D
    فده جاي يهرّج !

    فهمت احنا متضايقين من إيه يا عدلي؟

    ReplyDelete
  2. إذا: محمد حسين يعقوب لا هو سلفي ولا فاهم
    http://www.youtube.com/watch?v=cFOTR_jK00M#at=378
    رغم عدم الحاجة لكلمة "سلف" في هذا الموضع

    و النقاب أو أي لباس مشابه لا يمكن تصنيفه كـ"بدعة" , فقط لأنه كان موجودا في عصر رسول الله صلى الله عليه و سلم

    ReplyDelete
  3. أنا مش عارف أفتح اللينك دلوقتي

    هل الشيخ بينفي القول بالاستحباب ولا إيه؟

    لو كده يبقى غلطان طبعًا،، ومعنى (مش سلفي) إن القول ده مش بتاع السلفيين عشان يُنسب إليهم

    عندك مثلاً الشيخ البوطي من سوريا،، راجل صوفي أشعري متعصب ومع ذلك بيقول النقاب فرض ويرفض القول المخالف !!

    وعندك الألباني،، راجل سلفي وألف كتاب: (الرد على من تشدد وأوجب النقاب)

    ReplyDelete

Powered by Blogger.