(تنبيه: لا توجد أي استفادة أو تحليل مفيد من الكلام التالي, مضيعة كاملة للوقت)
عائد من عمله في قمة التعب. الألم يمتد من قدميه لظهره لرقبته. الإرهاق يضغط على جفونه بشكل لا يستطيع معه القيادة. يضبط السيارة على وضع القيادة الآلية و يخلع نظارته ليرتاح قليلا. ذلك المشهد أصبح طبيعيا في الخميس الأخير من كل شهر, اجتماع طويل في مركز أبحاث القيادة الآلية يليه زيارة لمدرسة إعداد القادة. كثير من الاجتماعات و كثير من المعلومات و التقارير, كثير من الطلبة و كثير من المشاكل التي تحتاج لبحث. لاداعي لمزيد من التفكير الآن فمخه يصرخ من الإجهاد.
صوت القائد الآلي يقطع الصمت ليعلن الوصول للمنزل. بينما تدخل السيارة إلى المنزل يسمع صوت ضحكات و حركة كثيرة. الصوت يأتي من الجهة اليسرى للمنزل, و بالتحديد من داخل صالة السباحة. عندها يتذكّر ان اليوم كان يوم العائلة, يريد أن يذهب إليهم ليلقى السلام و لكنه يرى أبواب الصالة مغلقة مما يعني أن نساء و بنات العائلة يحظين بوقت خاص بهن. ترتسم ابتسامة على وجهه و يخرج من سيارته و يصعد لغرفته. مشهد السرير في هذه اللحظة هو أجمل من لوحة الموناليزا. كم اشتاق لهذه اللحظة منذ بداية الأسبوع!
بمجرد أن وضع رأسه على الوسادة أحس بالإرهاق يخرج من جسده لتحل الراحة مكانه. و لسبب لا يعرفه وجد شريط حياته يمر سريعا أمام عينيه. كيف بدأ ضعيفا مشتتا, يعمل دون أن يشتكي أو يمل. كيف وجد من يشاركونه حلمه و يمهّدون طريقه. تذكّر بدايات ازدهار مشروعه و كيف توالت التحديات و التطورات. تذكّر لحظة افتتاح مشروعه الخيري و حلم عمره لتوفير فرص تعليم أفضل مما حصل عليه هو.
قبل أن يغمض عينيه نظر حوله نظرة أخيرة ليرى الغرفة باردة الملامح, كيف لم يرها هكذا من قبل؟ وسط انشغاله نسي أمرا مهما أو تناساه, لقد نسي أن يشارك حياته مع المرأة التي طالما حلم بها, ربما مرّت أمامه و لم يلاحظها أو نفض صورتها سريعا من عقله. أيا كان ما حدث في الماضي فقد جاءت فرصته الآن و إن تأخرت قليلا, فها هي تقف أمامه اليوم في طريقه لمركز الأبحاث و يتبادلان الحديث. لا وقت الآن للتفكير. ربما غدا, أما الأن فهو وقت النوم العميق. يغمض عينيه و ترتسم الابتسامة مرة أخرى و هو يحلم بالغد .. فهل كانت تلك ابتسامته الأخيرة؟
No comments:
Post a Comment