عندما كنت طفلا, سمعت (أو ربما قرأت) قصة اسمها: الراعي الكذاب. كانت تحكي عن شاب يرعى الغنم, و كان يهوى الكذب على الناس و الصراخ بأن الذئب يهاجم أغنامه. و عندما يهرع الناس لنجدته لا يجدون ذئبا, و يضحك الراعي على مزحته السيئة. و مرة بعد مرة, تعب الناس من تصرفاته و قرروا عدم الاستماع إليه مجددا. و في يوم هاجم الذئب أغنام الراعي فأخذ يصرخ طالبا النجدة. و لكن الناس لم يعيروه اهتماما لما عرفوه من كذبه. فإذا بالذئب يأكل غنمه ولا يجد من يساعده. حتى تلك اللحظة أجد قصة الراعي الكذاب أمام عيني. و أعاني من إهمال الكثيرين للقيمة التي تحكي عنها القصة: الصدق.
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها، والرجل راع في مال أبيه وهو مسئول عن رعيته، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته", و كم أعجب عندما أجد راعيا يدّعي الورع و التقوى ثم يأتى بأفعال لا تمت للتقوى بصلة. و مرة بعد مرة يكذب أو ينافق أو يتهم الناس بالباطل, حتى يتعب الناس من أفعاله و أقواله و يُكتَب عندهم كذّابا. ثم يأتي الموقف الذي يستحق فيه المساعدة فلا يجد معه أحدا. عندها يأكل الذئب, و تأتي بقية الذئاب لتأخذ أغنام القرية جميعا. الراعي صرخ للتنبيه و لطلب المساعدة, و لكن ما من أحد ليسمع أو يجيب.
عندها هل ألوم القرية التي لم تتأكد من صدق النداء الأخير؟ أم ألوم الراعي الذي اعتاد الكذب؟ أم ألوم من ائتمنه على الغنم؟ أم ألوم الغنم التي لم تتصرف و انتظرت مصيرها؟
ما أعرفه جيدا هو أن قصة الراعي الكذاب لا تكذب ...
No comments:
Post a Comment