يزداد مع الوقت سماعي لتعبيرات من نوع: "أهلى ارتكبوا جريمة عندما أحسنوا تربيتي", أو "كان لابد أن أتعلم ما يناسب الحياة, لا مجرد أخلاق تريني مدى سوء حياتي". و لا أنكر أنني أشعر بهذا الكلام و أعيشه, و كلما غُصت في ديني و حاولت تحسين إنسانيتي و أخلاقي وجدت أن الحياة اليومية هي أبعد ما تكون عن الكتب, المقدس منها و غير المقدس.
من فترة تجمعت عدة ملاحظات و تراكمت لتشكّل تجارب صغيرة ترسم صورة أكبر: معالم الطريق اليومي. ما بين اصطحاب أنثى أو رجل مسنّ أو معاناة من إصابة أو مرض, تتشكّل صورة جغرافية للأماكن القابلة للحركة في حياتي اليومية و مدى خطورة كل منها. ففكرت في تجربة مختلفة, أن أمشي و أعيد ملاحظة تلك الصورة من منظور مختلف .. منظور أنثى. فما مواصفات تلك الأنثى؟ مجرد إنسانة ذات حياء, لا يمكنها القفز و الجري أكثر من العادي إما للباسها أو تحرّجها, تخشى الأماكن المظلمة أو الحيوانات. فماذا كانت الملاحظات؟
- المواصلات العامة, كلمة "كارثة" هي أقل ما يوصف. بين التدافع للركوب, و الزحام داخلها, و الجلسات الغير آدمية (أفضّل كلمة "القرفصاء" عندما أصفها), و كثرة "الظرفاء" و قلة "الرجال", و كثرة البروزات الكافية لتمزيق كل ما يبتعد عن الجسد و لو قليلا.
- المقاهي و الأكشاك و تجمعات الشباب على الأرصفة في تزايد مستمر بشكل ألغى ما يسمى بـ"الرصيف", فأصبح الرصيف كنزا يوجد فجأة و يختفي فجأة.
- البنية التحتية لأم الدنيا لا تحتاج لكلام. ما ينزل عن الكعب إما مصيره البلل أو الاتساخ أو القطع. إما "التشمير" أو ينزعج دولاب ملابسي سريعا لما فعلته بأبنائه الغاليين.
- حفظ التوازن من المهارات الأساسية التي لا مفر من اكتسابها. إما لتفادي الوقوع عند انطلاق سائق العربة قبل الجلوس. و إما للمرور من على حافة رصيف امتلأ بالمياه أو السيارات, أو للقفز بين الحين و الآخر بين قطع الحجارة التي تبرز كجزر متفرقة في بحيرات الصرف الصحي -التي هي منّا و إلينا تعود-.
- هل ذكرت التناغم مع الطبيعة؟ لأن حب الحيوانات هو أمر أساسي في مملكة الغابة -تُعرف أيضا بـ"مصر"-. الكلاب لابد أن تكون مصدر بهجة عند رؤيتها و نباحها لابد أن يكون طربا للأذن. و بالطبع فإن المرور بين الجاموس و الثيران و الجمال في عيد الأضحى هو نوع من إكرام الضيف و الترحيب به قبل أن يغادر دنيانا في حمام دماء مهيب.
- طالما أنني لا أعيش في "ميتروبوليس" أو "جوثام", فعليّ أن أبحث عن وسيلة أخرى لبعث الاطمئنان في قلبي قبل المرور في منطقة مظلمة أو خالية, حيث سوبرمان و باتمان ليس لهم نفوذ أو سلطة. لأن في بعض الأحيان -و ربما كثير من الأحيان, حسب المنطقة- لا يوجد سبيل للوصول إلى العمل\المنزل\المدرسة إلا بالمرور من أماكن لا تبشر بالخير.
- ربما لا أقبل ملابس الباليه و حركاته, لكن رشاقته مطلوبة. كيف أمر بين سيارتين أو برميلين أو عامودين بمحيط خصر متوسط أو كبير؟ و كيف يمكنني العبور فوق الرمال و الحجارة -إما لأعمال بناء هنا و هناك, أو أعراض إصلاحات قديمة- بخطوات ثقيلة؟
- ارتفاع مستوى الأخلاق و السلام الداخلي مهم جدا, لأن ما سأسمعه من كلمات هنا و هناك يحتاج لقدر كبير من الهدوء و العفو عن المقدرة.
- بمناسبة العفو عند المقدرة, ربما بعض دروس الكاراتيه و التايكوندو قد تفيدني, ولا تسألوني لماذا.
"لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله تعالى عنها: لِمَ لم تمهد لها الطريق يا عمر", عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
No comments:
Post a Comment