الكلام القادم لن يكون عميقا بالشكل الكافي, و لكن –صدّق أو لا تصدّق- هو أقصى ما استطعت الوصول إليه حسب تفكيري. لا أملك الكثير من الخبرة, ولا أملك المستشارين ذوي الثقة 100%. فلا أملك سوى قرائتي للتاريخ و لتفسيرات ذوي الخبرة من الطرفين من أجل الاستفتاء القادم. و بعد التفكير وجدت أنني لا أوافق على التعديلات من أول سطر.
فما علاقة الجنسية المصرية الخالصة بالموضوع؟ أسطورة من أساطير التاريخ (صلاح الدين الأيوبي) حكم مصر و لم يكن مصريا (من أكراد سوريا حسب ما قرأت قديما) و استطاع – في فترة قصيرة – أن يفعل ما لم يفعله المصريون أو العرب من إصلاح الاقتصاد و توحيد صفوف العرب (بالقوة في بعض الأحيان, فقد كان الفساد في كل مكان) و تحرير فلسطين. كذلك كان عمرو بن العاص الذي أعتبر فترته من أعظم الفترات المشرفة لديني. و لو نظرت للمصريين فسأجد أن الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك كان مصريا و كذلك خدّامه, فالموضوع إذًا ليس بالجنسية.
و ما ذنبي فيما فعله أهلي بي من امتلاكهم جنسية أخرى؟ أذكر موقفا حدث منذ عدة سنوات في المملكة العربية السعودية (كم أكره هذا الاسم المستفز) عندما منعت السلطات (أراح الله أهل الحجاز منها و من ملكها) مواطنا مصريا من أداء العمرة أو الحج بسبب اسمه. فقد كان اسمه "عبد الرسول". و بالعقلية التي تحكم هناك أتخيل بشكل يرقى لليقين سبب منعهم له. هذا شخص كان كل ذنبه أن أهله لم يمتلكوا الكم الكافي من العلم الذي يمنعهم عن ارتكاب تلك الجريمة. فما ذنبه؟
و لماذا أكون مصريا ناقصًا إذا تزوّجت من غير مصرية؟ أنا أذوب عشقا في حب فلسطين. و أتمنى من كل قلبي أن أدخلها محاربا أو زائرا. فهل إذا تزوّجت من فلسطينية أكون ناقصًا؟ لم هذه الشروط العنصرية السخيفة؟!
ثم آتي للسبب الثاني في رفضي. هل أنا كمواطن يسكن في حي "عين شمس" أجد من يمثّلني الآن في مجلس الشعب أو الشورى؟ و أثق في تفكيره و اتجاهه اللذان سيشاركان في اختيار اللجنة التأسيسية التي ستضع الدستور الجديد؟ منطقتي مثل الكثير و الكثير من المناطق في العاصمة و الأقاليم, صوت الفقر و الشقاء يغطيان على صوت العقل, و لا ألومهم على ذلك فهذه كانت طريقة نشأتهم و هي صعبة التغيير بين يوم و ليلة. في عين شمس ذهب الكثيرون لانتخاب المدعو "ناجح جلال" لإنجازاته "العظيمة" -قبل الانتخابات بعدّة شهور-. فقد رصف الشارع حول مدرسته (عائلته تمتلك سلسلة مدارس), و أذاع مباريات المنتخب في فناء المدرسة للأهالي و نظّم رحلة لحديقة الأزهر لأهالي إحدى المناطق. و بعد أن خسر في الإعادة اختفى تماما و كأن الخدمات غير ممكنة خارج المجلس الموقّر. ولا داعي للحديث عن المدعو "ميمي العمدة" ذو التاريخ "العظيم و المشرّف". هؤلاء كانوا من مرشحي الوطني ولا يظهر بجانبهم إلا مرشحو الإخوان, و هم أيضا ليسوا في دائرة ثقتي –رغم اعتزازي بزملاء من الإخوان- ثم بعد المستقلين الذين لا يعرفهم سوى جيرانهم. و عن مناطق شعبية و ريفية أخرى سمعت أحاديث كثيرة عن "التراضي" بين العائلات, و اعتزاز الطبقات المؤثرة بشخصيات بعينها بسبب إنجازات –من وجهة نظرهم- تبدو صعبة التحقيق. ربما يختلف الحال بعد التغييرات الكثيرة التي حدثت, و لكنها مخاطرة لا أقدر على الدخول فيها و خسارة كل ما سبق بسببها.
لا أنكر أن هناك من يؤيدين لأسباب مختلفة و طويلة, و هناك من يعارضون لأسباب مختلفة و طويلة أيضا. و لكن ما يقلقني هو التأييد للإسراع نحو "الاستقرار و دفع عجلة الإنتاج" دون معرفة بالأسباب الكبرى وراء تعطّل المصالح و انتشار الجريمة. فلا أنتظر من سائق الأتوبيس الذي كان يتحدث اليوم مع العديدين (أغلبهم مؤيدون لأن الإخوان و البرادعي عايزين مصلحتهم و احنا عايزين مصلحتنا الشخصية ان الموضوع يخلص بسرعة) أن يدخل في مناقشة طويلة أو يطالع البرامج الحوارية الطويلة ذات الأساليب صعبة الفهم للطبقات التي أهتم بها. فهذا الإنسان المطحون يعاني من قلة الدخل و كثرة الديون, و حسب تعبيره "كل واحد دماغه فيها اللي مكفيها", و إنهاء حالة عدم الاستقرار هي سبب أكثر من كافٍ له. أنا أقبل بنتيجة الاستفتاء طالما أنها كانت بنزاهة, و طالما أن أغلبية الشعب (أو المصوتين) قالت كلمتها. و إن كنت لم أستطع أن أخدم بلدي بالخطة الذي أريدها فيمكن البحث عن طرق أخرى بديلة حسب المتغيرات. و حينها يمكنني العمل من جديد على نشر أبسط أشكال الثقافة بين أهلي في الشارع و المواصلات العامة (أو أي مكان أصل إليه) لكي "أستمتع" بالحياة داخل بلدي, فالناس جميلة جدا من داخلها, و لكن الغبار يتراكم عليها مما تراه يوميا و على مدار الساعة.
شكر خاص للإعلام, فقد أتحفنا بالمراجع و المعاجم التي تتكلم و تمشي على قدمين, دون اعتبار لاختلاف ثقافات المشاهدين.
No comments:
Post a Comment