هذه خلاصة جملة قالها أحد الأشخاص بجواري في الأتوبيس, ربما لم تكن الكلمة "ينفّس" و لكنها بنفس المعنى. فهموم الحياة جعلت من المواطن "خروفا" مذبوحا, تأخذه لحما و لا تتركه إلا عظما, و لأخذ اللحم لابد من السلخ, و للسلخ لابد من نفخ. و لكن بين الحين و الآخر يكون النفخ زائدا فيحتاج المواطن الغلبان لأن "ينفّس" ليرتاح. فأين ينفّس؟ هل أمام "الجزّار" الذي يتوعّده بالسكين و الخطّاف و أدوات التعذيب الأخرى؟ بالطبع لا... فلا توجد فرصة للتنفيس إلا حين يختفى الجزار. و هذا تماما ما أراه بشكل يوميّ.ـ
فالحكومة -على سبيل المثال لا الحصر- لا تراقب الأسعار, فيلعب السارقون و المحتكرون بالأسعار. و تنتقل عدوى ارتفاع الاسعار بشكل هرمي لتنتشر في أغلب الخدمات و السلع. فهل يستطيع المواطن المنفوخ أن يواجه الحكومة النافخة؟ أو يواجه سائق الميكروباص الدموي؟ بالطبع لا .. فلا يجد سبيلا إلا في التنفيس في العطّار الغلبان الذي تأثر فعلا بالأسعار و حاول التأجيل, أو في المواطن الآخر الذي يحتاج لخدمة لا يجد من يساعده فيها, و بالارتفاع لأعلى و رؤية الصورة الكبيرة, نجد أن الجزارين لا يستطيعون التنفيس في بعضهم -و حين يحدث ذلك يتأذّى الكثيرون- فيمارس كل جزار عملية التنفيس على من هو أقل منه. ولا يستطيع كل مواطن ضعيف أن ينفّس فيمن هو أقوى منه, فينفّس فيمن هو مثله أو أضعف -إن وُجِد-
فيستمر الهرم الاجتماعي التنفيسي في النزول من القمة للقاع, و مع الوقت لا يمكن للطبقة الدنيا أن تكتفي ذاتيا, فيحاول كل شخصين أن يجمّعا قوتهما للتنفيس في شخص أعلى و أقوى, و تبدأ عمليات التنفيس الجماعي... و الخوف كل الخوف من أن يزيد هذا التنفيس الجماعى لدرجة لا يمكن إيقافها أو حتى علاجها
و حتى ذلك الحين ... نفّسوا بالراحة يا حلوين
No comments:
Post a Comment