(كم كنت أتمنى أن أستخدم كلمة أخرى غير "هراء", و لكنني لم أستطع, حفاظا على الذوق العام)
رغم كثرة دعواتي بإنقاذي من هذا الحي, و هذه المدينة, و هذا البلد, و هذا الكوكب, و هذه الدنيا, إلا أنني من وقت لآخر أحمد الله على هذا الموقع المميز الذي جعلني أرى مدى السوء الذي تذهب إليه الحياة و مدي ارتفاع موجات الخير أو الشر. فأنا أعيش في المشكلات بدلا من الكلام عنها في غرف الشبكات الاجتماعية مع "البوبات" و "النخبويين" المنعزلين. المقياس الحقيقي هو ما أعيشه, لا ما يتكلم عنه هذا المسئول أو ما يسرده الإعلام من أرقام و حالات ضبط أو ارتفاع في البورصة.
رغم كثرة دعواتي بإنقاذي من هذا الحي, و هذه المدينة, و هذا البلد, و هذا الكوكب, و هذه الدنيا, إلا أنني من وقت لآخر أحمد الله على هذا الموقع المميز الذي جعلني أرى مدى السوء الذي تذهب إليه الحياة و مدي ارتفاع موجات الخير أو الشر. فأنا أعيش في المشكلات بدلا من الكلام عنها في غرف الشبكات الاجتماعية مع "البوبات" و "النخبويين" المنعزلين. المقياس الحقيقي هو ما أعيشه, لا ما يتكلم عنه هذا المسئول أو ما يسرده الإعلام من أرقام و حالات ضبط أو ارتفاع في البورصة.
منذ عدة أسابيع كنت أفكر في مقدار التغيرات التي لمستها بعد الثورة و بعد تولّي الإخوان (الرئيس مرسي أو الرئيس الشاطر .. لم أعد أهتم كثيرا) ثم مرور مهلة البيضة الأولى لطائر النهضة. و الجميل أنني وجدت الحياة -حتى هذه اللحظة- أسوأ من الأيام البائدة. أنا لن أتحدث عن أيه إصلاحات سياسية و لا حرية تعبير و لا أي من هذا الهراء. أنا سوف أتحدث كمواطن تخرّج في إحدي كليات القمة و عمل في عدة أماكن يذهب و يجيء إليها بالمواصلات العامة و يشتري طلباته و ينهي أوراقه و يرجع لبيته ليرتاح و يجهّز نفسه ليوم جديد و يبحث عن حياة زوجية و عن راحة بال و دخل يؤمّن الجانب المالي فيما هو قادم.
ما هي المشكلات المعتادة التي لا تزال موجودة؟
- سيارات النقل الجماعي (الميكروباص) تفعل ما بدا لها من سرعة عالية و تقطيع المسافات لمسافات أصغر لجمع مال أكبر و رفع السعر وقتما أرادوا.
- الشرطة لا تزال في فسادها و تجاهلها. فهي لا تأتي في كثير من البلاغات. و في المرة التي رأيتها تأتي فيها رجعت من حيث أتت بعد أخذ رشوة. و لا داعي لذكر حالات التعذيب و تلفيق القضايا التي تشير لقوة الحق في مواجهة الباطل (إن لم تفهم التهكم .. لا تتابع).
- الوساطة و المصالح هي الأسلوب الرسمي في التعامل في أي مصلحة حكومية.
- نسبة السلاح و البلطجة في ازدياد دون رقابة أو عقاب.
- الأسعار في ارتفاع مستمر و بخاصة في المناسبات أو عند ورود أخبار عن علاوة أو مكافئة للموظفين. التجار الكبار هم من يرفعون و يخفضون.
- الأفراح و المآتم العشوائية تزداد تفننا في زيادة عدد مكبرات الصوت و حجم السرادق و المضمون القذر سواء كان أغنية عن المخدرات أو خطبة عن التقوي!
- ارتفاع مستوى السفالة في الألفاظ و الملابس و الأفكار في السينما و التليفزيون و السينما و الجرائد دون رقيب أو حماية للأطفال أو الذوق العام.
- الإشغالات في ازدياد حيث ترى المقهى بكراسيه التي تقطع الشارع و تترك حارة واحدة لمرور السيارات ولا مكان لسيدة ذات حياء.
- المستشفيات التي أخشى الدخول إليها بسبب تدنّي مستوى خدمتها و انعدام ضمير أطبائها -إلا لو امتلكت وساطة قوية- و لابد من دفع الكثير من أجل الذهاب لمكان أفضل حيث كل خطوة بثمنها.
- إذا وجدت خطأ في المواصلات أو الشارع أكون وحدي أمام الظالم -مع كثير من الساكتين- و لا أجد في قطر مئات الأمتار من يساعدني في حين أن مواكب الرئيس أصبحت تستفز مشاعري من كثرة الجنود التي أتمنى واحدا منهم يجوب منطقة سكني لتوفير و لو قدر بسيط من الأمن.
القائمة تمتد كلما فكرت في أمور حياتي. و يوما بعد يوم, أفقد ارتباطي بهذا الرئيس الذي "عصرت على نفسي لمونة" (تعبير شعبي) -مثل كثير من المصريين- كملاذ أخير من الفاسد الآخر. و يوما بعد يوم, أفقد الرغبة في الإصلاح و النقد و النصح. فما فائدة إصلاح سيظل في دائرة العمل التطوعي المنزوع الصلاحيات أو الحماية؟ و ما فائدة النقد في مواجهة البلطجة؟ و ما فائدة العراك إن كنت لن أجد من يحميني من ترسانة الأسلحة أو يأخذ لي حقي؟ حتى الآن لا أجد شيئا يتحسن إلا نثريات لا تُذكر في الحياة العامة و ما يهمني كمواطن.
يبدو أن طائر النهضة لا يزال يعاني من عسر هضم و نحن لا نزال في مؤخرته.
سيدي الرئيس, يمكنك فعل الكثير من الأمور التي لا تتطلب أموالا طائلة, و في بعض الأحيان لا تتطلب أموالا على الإطلاق. و شكّي في نواياك و صلاحياتك يزاد يوما بعد يوم. صلاتك تفيدك وحدك, و عدلك يفيدنا جميعا. لن أقول " وا مرساه" .. و سأكتفي بالقوي و أقول "يا الله".